بكين, 2 يناير / كانون الثاني 2023/PRNewswire/ — على مدار أكثر من قرن، سعت الصين سعيًا حثيثًا إلى التحديث، بدءًا من “إحياء الأمة الصينية” وصولًا إلى هدف “التحديثات الأربعة” والذي أُطلق بعد تأسيس جمهورية الصين الشعبية في عام 1949، وذلك في إشارة إلى تحديث قطاعات الزراعة والصناعة والدفاع والعلوم.
ولم يعد التحديث حاليًا مجرد حلم للشعب الصيني؛ حيث أعلنت القيادة الصينية في عام 2022 عن خطتها لبناء صين اشتراكية حديثة على نحو شامل، وتتميز هذه الخطة بمسار صيني فريد.
وفي كلمته التي ألقاها يوم السبت للتهنئة بالعام الجديد، قال الرئيس الصيني شي جين بينغ: “لقد وضعنا خطة طموحة لبناء دولة اشتراكية حديثة على نحو شامل وإحياء النهضة العظيمة للأمة الصينية في جميع الجوانب من خلال مسار صيني للتحديث؛ وهو ما يُعدّ دعوة صريحة لنا في هذا الوقت للمضي قدمًا في رحلة جديدة نحو التحديث”.
نحو التحديث الصيني
في أكتوبر الماضي، ورد مصطلح التحديث الصيني للمرة الأولى -وهو مصطلح أساسي يُحدّد رحلة الصين إلى النهضة الوطنية- في تقرير قُدّم إلى المؤتمر الوطني للحزب الشيوعي الصيني ( CPC ).
يضم التحديث الصيني عناصر مشتركة تتضمنها جميع عمليات التحديث في جميع دول العالم، لكنّه يتميز بسمات فريدة تناسب الحالة الصينية.
وقد أكّد الرئيس شي على السمات الفريدة للتحديث الصيني والمتمثلة في أنّه: تحديث يشمل عددًا كبيرًا من السكان، ويؤدي إلى تحقيق الرخاء المشترك للجميع، وإحراز التقدّم المادي والثقافي والأخلاقي، وتعزيز الانسجام بين البشر والطبيعة، والسير في طريق التنمية السلمية.
وتعمل الصين على إنجاز عملية تحديث تضم أكثر من 1.4 مليار شخص، وهو رقم أكبر من إجمالي عدد سكان جميع الدول المتقدمة في العالم اليوم.
ومع النمو المستمر لاقتصادها، تدعم الصين تحقيق الرخاء المشترك بما يكفل حصول الجميع على نصيب عادل من نجاحها الاقتصادي والحد من عدم المساواة الاجتماعية. ووفقًا للكتاب الأزرق للرخاء المشترك، ارتفع مؤشر الصين للازدهار المشترك بنسبة 79.3 في المائة؛ حيث زاد من 24.67 في عام 2013 إلى 44.23 في عام 2020.
وفي حين تواصل الصين جهودها لتوطيد الأساس المادي للتحديث وتحسين الظروف المادية لرفاهية الشعب، فإنّها تسعى جاهدة لتطوير الثقافة الاشتراكية المتقدّمة، وتعزيز المثل العليا والمعتقدات، وإحياء التراث الثقافي الصيني. ولدى الصين حاليًا 43 عنصرًا في قائمة اليونسكو للتراث الثقافي غير المادي، وهو أعلى رقم لدولة في العالم في تلك القائمة.
وقد واصلت الصين في عام 2022 دورها بوصفها قوة نمو رائدة ودافعة للاقتصاد العالمي؛ مسترشدة بفلسفة التنمية الجديدة التي تتميز بالتنمية المبتكرة والمُنظمة والخضراء والمنفتحة والمشتركة. وتوقع صندوق النقد الدولي أن ينمو الاقتصاد الصيني بنسبة 3.2 في المائة في عام 2022، بما يتماشى مع معدّلات النمو العالمية المتوقعة.
وقد ظلت الصين ملتزمة بالتنمية السلمية وفاء لما تعهدت به القيادة الصينية عدّة مرات. ويُعدّ طرحها لمبادرة الأمن العالمي في أبريل الماضي مثالًا لوفائها بالتزاماتها في هذا الصدد. وحظيت هذه المبادرة على التقدير والدعم من أكثر من 70 دولة.
تحقيق الأهداف بخطوات ثابتة
يهدف الحزب الشيوعي الصيني إلى إنجاز عملية التحديث الاشتراكي خلال المدّة من عام 2020 حتى عام 2035، وبناء الصين لتصبح دولة اشتراكية حديثة عظيمة مزدهرة وقوية وديمقراطية ومتقدمة ثقافيًا ومتناغمة وجميلة من عام 2035 حتى منتصف القرن الحالي.
وقد تبلور بالفعل المسار الذي يجب الالتزام به لتحقيق هذه الأهداف. وبفضل فلسفتها للتنمية التي تركز على الشعب، عملت الدولة على تأسيس أكبر الأنظمة في العالم للتعليم والضمان الاجتماعي والرعاية الصحية.
ووصف الرئيس شي الابتكار بأنّه “قلب” مسيرة التحديث في الصين. ويتجلى سعي الصين لتحقيق الاستقلال في الابتكار العلمي في مختلف إنجازاتها، بما في ذلك نظام “بايدو” ( Beidou ) للملاحة بالأقمار الاصطناعية، واستكشاف الفضاء والذي يتضمن مسابير القمر والمريخ، وبناء محطة الفضاء الصينية الخاصة، والغواصة المأهولة “فيندوشي” ( Fendouzhe ) للغوص في أعماق البحار. كما طورت البلاد تقنياتها للسكك الحديدية عالية السرعة وتقنيات الجيل الخامس ( 5G ) للاتصالات والذكاء الاصطناعي.
وقد ارتفع ترتيب الصين إلى المركز الحادي عشر (11) في مؤشر الابتكار العالمي لعام 2022 الصادر عن المنظمة العالمية للملكية الفكرية، وهي وكالة متخصصة تابعة للأمم المتحدة؛ وذلك من بين 132 اقتصادًا شملها التقرير.
واسترشادًا برؤية شي المتمثلة في أنّ “المياه النقية والجبال الخصبة أصول لا تقدر بثمن”، تركّز مسيرة التحديث الصينية أيضًا على تحقيق التعايش والانسجام بين البشر والطبيعة. وقد خفضت الصين من كثافة الانبعاثات الكربونية بنسبة 34.4 في المائة على مدى السنوات العشر (10) الماضية، وتعهدت بالسعي للوصول إلى ذروة الانبعاثات الكربونية قبل حلول عام 2030 وتحقيق الحياد الكربوني قبل حلول عام 2060.
وبالإضافة إلى ذلك، تؤكد الصين مجدّدًا أنها ستدفع بأجندة أوسع للانفتاح على مجالات أكثر وبعمق أكبر، وبأنّها ستلتزم بالمسار الصيني للتحديث، وستعمل على مشاركة فرص التنمية في البلاد مع بقية دول العالم. وقد زادت قيمة التجارة الخارجية للسلع في الصين بنسبة 8.6 في المائة على أساس سنوي -في الأشهر الأحد عشر (11) الأولى من عام 2022- لتصل إلى 38.34 تريليون يوان (5.5 تريليون دولار)؛ وذلك وفقًا لما أعلنته الإدارة العامة للجمارك في الصين.